سورة الإنسان - تفسير تفسير الألوسي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الإنسان)


        


{إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا (27)}
{إِنَّ هَؤُلآء} الكفرة {يُحِبُّونَ العاجلة} وينهمكون في لذاتها الفانية {وَيَذَرُونَ وَرَاءهُمْ} أي أمامهم {يَوْمًا ثَقِيلًا} هو يوم القيامة وكونه أمامهم ظاهر أو يذرون وراء ظهورهم يومًا ثقيلًا لا يعبؤن به فالظرف قيل على الأول حال من يومًا وعلى هذا ظرف يذرون ولو جعل على وتيرة واحدة في التعلق صح أيضًا ووصف اليوم بالثقيل لتشبيه شدته وهو له بثقل شيء قادح باهظ لحامله بطريق الاستعارة والجملة كالتعليل لما أمر به ونهى عنه كأنه قيل لا تطعهم واشتغل بالأهم من العبادة لأن هؤلاء تركوا الآخرة للدنيا فاترك أنت الدنيا وأهلها للآخرة وقيل إن هذا يفيد ترهيب محل بالعاجل وترغيب محل الآجل والأول علة للنهي عن إطاعة الآثم والكفور والثاني علة للأمر بالعبادة.


{نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا (28)}
{نَّحْنُ خلقناهم} لا غيرنا {وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ} أي أحكمنا ربط مفاصلهم بالاعصاب والعروق والأسر في الأصل الشد والربط وأطلق على ما يشد به ويربط كما هنا وإرادة الأعصاب والعروق لشبهها بالحبال المربوط بها ووجه الشبه ظاهر ومن هنا قد يقول العارف من كان أسره من ذاته وسجنه دنياه في حياته فليشك مدة عمره وليتأسف على وجوده بأسره والمراد شدة الخلق وكونه موثقًا حسنًا ومنه فرس ماسور الخلق إذا كان موثقه حسنًا وعن مجاهد الأسر الشرج وفسر جرى الفضلة وشد ذلك جعله بحيث إذا خرج الأذى انقبض ولا يخفى أن هذا داخل في شدة الخلق وكونه موثقًا حسنًا {وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أمثالهم} أي أهلكناهم وبدلنا أمثالهم في شدة الخلق {تَبْدِيلًا} بديعًا لا ريب فيه يعني البعث والنشأة الأخرى فالتبديل في الصفات لأن المعاد هو المبتدأ ولكون الأمر محققًا كائنًا جيء بإذا وذكر المشيئة لإبهام وقته ومثله شائع كما يقول العظيم لمن يسأله الأنعام إذا شئت أحسن إليه ويجوز أن يكون المعنى وإذا شئنا أهلكناهم وبدلنا غيرهم ممن يطيع فالتبديل في الذوات وإذا لتحقق قدرته تعالى عليه وتحقق ما يقتضيه من كفرهم المقتضي لاستئصالهم فجعل ذلك المقدور المهدد به كالمحقق وعبر عنه بما يعبر به عنه ولعله الذي أراده الزمخشري بما نقل عنه من قوله إنما جاز ذلك لأنه وعيد جيء به على سبيل المبالغة كان له وقتًا معينًا ولا يعترض عليه بقوله تعالى: {وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ} [محمد: 38] لأن النكات لا يلزم إطرادها فافهم والوجه الأول أوفق بسياق النظم الجليل.


{إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (29)}
{إِنَّ هذه تَذْكِرَةٌ} إشارة إلى السورة أو الآيات القرآنية {فَمَن شَاء اتخذ إلى رَبّهِ سَبِيلًا} أي فمن شاء أن يتخذ إليه تعالى سبيلًا أي وسيلة توصله إلى ثوابه اتخذه أي تقرب إليه بالطاعة فهو توصل أيضًا السبيل للمقاصد.

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10